منتدى شباب 25 يناير التعليمية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

السنن في القرآن والسنة

اذهب الى الأسفل

 السنن في القرآن والسنة  Empty السنن في القرآن والسنة

مُساهمة  ابوصبرى السبت أبريل 30, 2011 5:13 pm

السنن في القرآن والسنة



لمحتويات

السنن في القرآن:
السنن في السنة النبوية:
السنن في عالم المادة وفي حياة الإنسان:
موقفنا من السنن:
سنة التغيير:

ملخص الموضوع من أعداد أبوخالد
سنن القرآن :
- أوردت القصص للاتعاظ .
- دائماً يأيتي التعقيب بالاتعاظ بعد إيراد القصص .
- قد تورد القصص لبيان علة الجزاء ، ولتجنبنا لها .
- السير والتفكر في قصص السابقين .
- يخبر الله عن سنن طوائف معينة سواء كانوا أفراداً أم جماعات ...


سنن السنة النبوية :
قد أتت بمثل ما أتى به القرآن ، والأمثلة في ذلك كثيرة .

سنن عالم المادة :
الربط بين السنن المادية وسنن الله عز وجل ورد في الأحاديث النبوية .


موقفنا من السنن :
- السعي لاكتشافها .
- تفسيرها وربطها بالواقع .
- توقع المستقبل .
- السعي لعالم أفضل من خلال الاستفادة من هذه السنن .



نتائج فقه سنة التغيير :
- المسئولية الذاتية عن واقعنا .
- التغيير يبدأ من الداخل أولاً .
- الاقتناع بأن الواقع المرير يتغير .
- دراسة متأنية للنفوس لاكتشاف علل التغيير .
- الشمولية لجميع الجوانب مادية كانت أو معنوية .
- ربط هذه القضية بالإيمان بالقضاء والقدر .



ابوصبرى
عضو فعال
عضو فعال

المساهمات : 199
تاريخ التسجيل : 26/04/2011

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

 السنن في القرآن والسنة  Empty رد: السنن في القرآن والسنة

مُساهمة  ابوصبرى السبت أبريل 30, 2011 5:14 pm

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله ، أما بعد :
فحديثنا هذه الليلة حول سنة من سنن الله تبارك وتعالى في الكون والمجتمعات، سنة أحوج ما يكون المسلمون إليها في هذا العصر وهم يتطلعون للتغيير والإصلاح.

إنك لو طرحت هذا السؤال على أي فرد من المسلمين -أيا كانت ثقافته وتدينه-:هل ترى أن واقع المسلمين اليوم واقع شرعي يرضي الله تبارك وتعالى ؟ لو طرحت هذا السؤال لأجابك الجميع بالنفي، إن معظم المسلمين الصادقين اليوم يتطلعون إلى التغيير، لكن هل يدركون وهم يعيشون في هذه المرحلة سنن الله تبارك وتعالى في التغيير؟

إن هذه السنة واحدة من سنن الله تبارك وتعالى في الكون والمجتمعات، وهذا يدعونا إلى أن نتحدث بمقدمة –ربما تطول – حول هذه السنن التي جاء الحديث عنها في كتاب الله وفي سنة النبي صلى الله عليه وسلم؛ حتى تتضح لنا قيمة هذه السنن وحاجة المسلمين إلى مدارستها والعناية بها والأخذ بها.

إن الله تبارك وتعالى سن سننا تحكم هذا الكون وتحكم حركة التاريخ، هذه السنن تجعل المسلمين المستضيئين بنور الله تبارك وتعالى يفهمون الأحداث فهما سليما دقيقا، وتجعلهم يتنبؤون أو يتوقعون حصول الأحداث من خلال المقدمات التي يعلمونها ويدركونها، وهي أيضا تمثل أداة لهم في سيرهم في هذه الحياة.



ابوصبرى
عضو فعال
عضو فعال

المساهمات : 199
تاريخ التسجيل : 26/04/2011

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

 السنن في القرآن والسنة  Empty رد: السنن في القرآن والسنة

مُساهمة  ابوصبرى السبت أبريل 30, 2011 5:15 pm

السنن في القرآن:

إن الحديث عن سنن الله تبارك وتعالى في الأنفس والمجتمعات والآفاق حديث يطول في كتاب الله تبارك وتعالى، ولو أردنا أن نستقصي في هذا الوقت الآيات التي جاء فيها الحديث عن هذه السنن لضاق بنا المقام، لكني أشير إشارات ربما تطول قليلا حتى ندرك أهمية هذه السنن وحاجة الناس إليها، ولهذا كررت كثيرا في كتاب الله تبارك وتعالى.
أول أمر يدل على ذلك إيراد القصص في القرآن، فهذا دليل على أن هناك سنناً تحكم حياة الناس وتحكم سيرهم في حياتهم، سواء أكانوا أفرادا أم مجتمعات، والقرآن الكريم مليء بقصص السابقين والأولين قال تعالى Sad نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن ) ،وقال: (لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثا يفترى ). ولعلنا أن نتسأل لماذا تورد هذه القصص ؟ ولماذا يكثر الحديث في القرآن حول قصص السابقين والغابرين ؟أليس للاعتبار والاتعاظ ؟ بلى، وإذا لم تكن هناك سنن تحكم حياة المجتمعات فكيف يتعظ الناس ؟ كيف يتعظ الناس بقصة حصلت في سالف الأزمان وماضي الدهور إلا إذا كان ذلك يسير وفق سنن، فيقيسون حياتهم على حياة أولئك، ويعلمون أنهم إن سلكوا طريقهم سيصيبهم ما أصابهم، وأنهم إن بذلوا جهدهم سيحصِّلون ما حصَّل أولئك.
ما قيمة أن يعلم الإنسان أن قوماً من الأقوام كذبوا فأُهلكوا؟ أو أن قوما من الأقوام آمنوا فنجوا؟ ما قيمة أن يعلم ذلك إلا إذا كانت قاعدة مطردة؛ فيقيس حاله بحالهم.
ثانياً: يأتي التعليق على هذه القصص بالأمر بالاتعاظ والاعتبار؛ فبعد سياق كثير من هذه القصص يأتي الأمر بالاتعاظ والاعتبار بما أصاب أولئك، قال تبارك وتعالى عن أولئك الذين أتوا جريمة من الجرائم وفاحشة من الفواحش فكانوا يأتون الذكران من العالمين ويذرون ما خلق لهم ربهم من أزواجهم، قال واصفاً تلك العقوبة التي حلت بهم، والتي تليق بتلك الجريمة البشعة Sadمسومة عند ربك وماهي من الظالمين ببعيد) ، إذا فلئن سلك قومٌ سبيل قوم لوط فهم معرَّضون أن يصيبهم ما أصاب قوم لوط وماهي من الظالمين ببعيد.
ويقول تبارك وتعالى في شأن طائفة من أهل الكتاب حين تكبروا وأعرضوا عن الإيمان بالله، وخانوا عهدهم مع رسول الله صلي الله عليه وسلم -ولهم قصب السبق في نقض عهودهم مع الله ومع أنبيائه من قبل -: (هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر ما ظننتم أن يخرجوا و ظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا وقذف في قلوبهم الرعب يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين فاعتبروا يا أولي الأبصار) ، إذاً لو فعلتم ما فعل أولئك سيصيبكم ما أصابهم؛ فهذه سنة من سنن الله تبارك وتعالى: أن من فعل كما فعل أولئك سيصيبه ما أصابهم لذا فعليه أن يعتبر ويتعظ.
وفي سورة الشعراء يقول تبارك وتعالى تعقيبا على كل موقف من مواقف الأنبياء مع أقوامهم وتكذيبهم ثم حلول العذاب بهم Sadإن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين . وإن ربك لهو العزيز الرحيم ).
ويقول تبارك وتعالى أيضا في آية تتكرر في أكثر من موضع تعقيبا على هذه المواطن في سورة القمر Sadولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر. كذبت عاد فكيف كان عذابي ونذر) إلى غيرها من الآيات التي يعقب الله تبارك وتعالى فيها على شأن أولئك ويأمر عباده أن يتعظوا بمواقفهم.
والتعقيب والأمر بالاتعاظ والاعتبار ليس خاصا بمواقف العذاب والجزاء بالعقوبة وحدها، بل نراه أيضا في مواقف الخير والإنعام من الله تبارك وتعالى على عبادة كما قال عز وجل Sadوذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر علية فنادي في الظلمات أن لا اله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين . فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين )، فمن كان كمثل ذي النون علية السلام في صدق لجوئه وتسبيحه لله تبارك وتعالى استحق النجاة.
وقال عز وجل Sadفلولا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها إلا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ) والآيات في هذا الباب كثيرة.
إذا فالتعقيب الذي يأتي على قصص القرآن أمراً بالاتعاظ والاعتبار دليل على ثبوت هذه السنن التي تحكم حياة الناس.
ثالثا: يأتي أيضا في قصص القرآن التعليل للجزاء - سواء أكان بالعقوبة أم بالأنعام- بوصف مناسب؛ والتعليل بالوصف المناسب دليل على أنة علة –كما يقول أهل الأصول- يقول تبارك وتعالى في شأن القوم الذين أهلكهم Sadإنهم كانوا قوما عمين) ،فبعد أن حكى إهلاكهم وصفهم بأنهم كانوا قوما عمين، وهذا يعني أن هذا هو العلة في إهلاكهم، ويعني أن من شابههم في العلة سيشابههم في المصير ويصل إلى ما واصلوا إليه.
وقال تبارك وتعالى Sadوقطعنا دابر الذين كذبوا بآياتنا وما كانوا مؤمنين) ،فهذا دليل على أن العلة التي من أجلها قطع دابر هؤلاء أنهم كذبوا بآيات الله ولم يكونوا مؤمنين.
وقال عز وجل في جزائه للمؤمنين: (فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين . فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين) ،وهذا يعني أن العلة في نجاتهم هي الإيمان والإسلام، وبالتالي فمن شاركهم في الوصف شاركهم النتيجة والنهاية .
وقال تبارك وتعالى في شأن نبي الله العفيف الطاهر يوسف علية السلام، الذي تعرضت له الفتن فلجأ إلى خالقه تبارك وتعالى مستعيناً به أن ينجيه وأن يخلصه قائلاً (رب السجن أحب إلى مما يدعونني إليه وإلا تصرف عني كيدهن أصب إليهن وأكن من الجاهلين) ،يقول تبارك وتعالى: (فاستجاب له ربه فصرف عنة كيدهن) ، ثم يقول تبارك وتعالى : (كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين) ،فعلة صرف السوء والفحشاء عنة أنه كان من عباد الله المخلصين، وهذا يعني أن من كان من عباد الله المخلصين فإنه يستحق هذا الجزاء وهذا النعيم.
رابعا: يأمر الله تبارك وتعالى في كتابة بالسير في الأرض والاتعاظ بما حصل للسابقين في آيات كثيرة كما قال تبارك وتعالى Sadوكأين من قرية هي أشد قوة من قريتك التي أخرجتك أهلكناهم فلا ناصر لهم) ،ويقول: (أولم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم كانوا هم أشد منهم قوة وأثاروا في الأرض فأخذهم الله بذنوبهم وماكان لهم من الله من واق )، ويقول تبارك وتعالى: (قل سيروا في الأرض ثم انظروا كيف كان عاقبة المكذبين).
والآيات التي تأمر بالمسير في الأرض والاتعاظ بمصارع الغابرين كثيرة في كتاب الله تبارك وتعالى، وهذا يعني أن هناك سننا ثابتة وأن هناك سننا تحكم حركة التاريخ وحياة الناس وإلا فكيف يتعظ الناس ويعتبرون؟ إنهم حين يسيرون في الأرض ويتأملون في أحوال الأمم التي مضت وخلت سيدركون أن تلك الأمم ما آلت إلى ما آلت إليه، وما استحقت النكال والعذاب إلا لتكذيبها وإعراضها، وهذا يعني أنهم إن ساروا على نفس الطريق فسوف يصلون إلى النتيجة نفسها، وسوف تحق عليهم السنة نفسها، وسيصلون إلى المصير نفسه.
الأمر الخامس: يأتي في كتاب الله تبارك وتعالى الإشارة إلى طائفة من هذه السنن التي تحكم حياة الناس،أفراداً ومجتمعات.
فيخبر الله تبارك وتعالى أنه حين يطغى المترفون ويعلنون فسقهم وفجورهم فإن هذا إيذان بحلول الهلاك والتدمير للقرية أيا كانت هذه القرية ( وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا )، وتبقى هذه الآية نذيرا يلوح في الأفق أمام المؤمنين الذين ينظرون بنور الله فيخشون أن يحصل الهلاك والبوار لأولئك أو هؤلاء لأنهم قد فسقوا وأعلنوا فسقهم وفجورهم، وحين قالوا ذلك فليسوا يعلمون الغيب، وليسوا يقرؤون ما وراء الأحداث، لكنهم يعلمون ذلك من خلال معرفتهم بسنن الله تبارك وتعالى.
ويخبر تبارك وتعالى أن هناك سنة للمتكبرين المتجبرين، هي أن هؤلاء يجابهون ويواجهون من يدعوهم إلى الإيمان والصلاح والتقوى لله تبارك وتعالى بالتكذيب والإعراض والسخرية والاستهزاء؛ يقول تبارك وتعالى Sad ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك ) على أحد القولين في تفسير هذه الآية ،ويقول تبارك وتعالى Sad كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون. أتواصوا به بل هم قوم طاغون ) ،كأن هؤلاء لاتفاقهم على هذه المقولة قد تواصوا عليها واتفقوا، إنها سنة الله تبارك وتعالى في المصلحين مع أقوامهم، أن يواجههم أقوامهم المكذبون بالتكذيب والإعراض والسخرية والاستهزاء واتهامهم بما ليس فيهم.
ويخبر تبارك وتعالى متوعداً أولئك الذين نجم نفاقهم من أهل الإرجاف والنفاق أنهم إن لم يثوبوا إلى رشدهم ويتوبوا إلى الله تبارك وتعالى، فإنه ستحل عليهم سنة الله في السابقين، قال عز وجل Sadلئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلا. ملعونين أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلا. سنة الله في الذين خلوا من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا ) ، إنها سنة الله أن يحل بهؤلاء المنافقين المرجفين عذاب الله تبارك وتعالى إن لم يتوبوا إلى رشدهم ويتوبوا إلى الله تبارك وتعالى.
ويخبر تبارك وتعالى عن سنة من سننه فيقول Sad وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءهم نذير ليكونن أهدى من إحدى الأمم فلما جاءهم نذير ما زادهم إلا نفورا. استكبارا في الأرض ومكر السيئ ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله فهل ينظرون إلا سنة الأولين فلن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا ).
ويقول تبارك وتعالى : ( ولقد أرسلنا من قبلك في شيع الأولين. وما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزئون ) ، ثم يقول تبارك وتعالى : ( وقد خلت سنة الأولين ).
ويقول عز وجل مخبراً أنه لو تمالأ أهل الكفر على قتال المؤمنين فإن الله تبارك وتعالى سيحل بهم الهزيمة ويولي هؤلاء الأدبار ( ولو قاتلكم الذين كفروا لولوا الأدبار ثم لا يجدون وليا ولا نصيرا. سنة الله التي قد خلت من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا ) ،ثم يأتي التأكيد على أن هذه السنة لن تتبدل ولن تتغير.
ويقول تبارك وتعالى أيضا مخبرا عن حال هؤلاء وأنهم يؤمنون حين يرون العذاب Sad فلما رأوا بأسنا قالوا أمنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين ، فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا سنة الله التي قد خلت في عباده وخسر هنالك الكافرون ) .
هذا غيض من فيض، وهذه شواهد يسيرة من الحديث الكثير المستفيض في كتاب الله تبارك وتعالى عن سنن الله عز وجل، يعطينا دلالة قاطعة أن هناك سننا تحكم حياة الناس، جدير بهم أن يتأملوها، وأن يعوها ويتدبروها، وأولى الناس بالاعتناء بها هم أولئك الذين يتطلعون للإصلاح والتغيير في مجتمعاتهم.

ابوصبرى
عضو فعال
عضو فعال

المساهمات : 199
تاريخ التسجيل : 26/04/2011

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

 السنن في القرآن والسنة  Empty رد: السنن في القرآن والسنة

مُساهمة  ابوصبرى السبت أبريل 30, 2011 5:15 pm

السنن في السنة النبوية:

ويشير النبي صلى الله عليه وسلم في طائفة من أحاديثه إلى شيء من هذه السنن يقول صلى الله عليه وسلم في قصة قدوم أبي عبيدة بمال من البحرين :" فوا الله ما الفقر أخشى عليكم، ولكن أخشى أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من كان قبلكم؛ فتنافسوها كما تنافسوها؛ فتهلككم كما أهلكتهم " فهي سنة لا تتخلف، حين يتنافس الناس في الدنيا والدينار والدرهم كما تنافس الذين من قبلهم أن تهلكهم كما أهلكت من كان قبلهم .
عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: كنا مع رسول الله r فشخص ببصره إلى السماء، ثم قال:"هذا أوان يختلس العلم من الناس، حتى لايقدروا منه على شيء" فقال زياد بن لبيد الأنصاري: يارسول الله، وكيف يختلس منا وقد قرأنا القرآن؟ فوالله لنقرأنه ولنقرئه نساءنا وأبناءنا. فقال:"ثكلتك أمك يازياد، إن كنت لأعدك من فقهاء أهل المدينة، هذه التوراة والإنجيل عند اليهود والنصارى فماذا يغني عنهم؟" فالسنة التي حقت على أولئك قد تحق على هؤلاء.
وحين أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يقيم حد الله على امرأة شريفة ذات مكانة، امرأة من بني مخزوم سرقت أو كانت تستعير المتاع فتجحده، فشعر بنو مخزوم وشعرت قريش أن هذا فيه إهانة لشرف هذه القبيلة ذات المنزلة العالية، فأرادوا أن يستشفعوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم أن يخفف عنها الحد ويسقط عنها هذه العقوبة، وقالوا: من يجترئ عليه إلا أسامة رضي الله عنه حب رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن حبه؟ فكلموا أسامة، فكلم أسامة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فغضب الرسول صلى الله عليه وسلم على أسامة وقال :"أتشفع في حد من حدود الله؟" ولم يكن صلى الله عليه وسلم يشعر أن هذه المعالجة كافية لهذه القضية الخطيرة التي إن بدت في الأمة فهي نذير عقوبة وهلاك، فلم يكتف صلى الله عليه وسلم بهذا الرد على أسامة، ولم يكتف بإقامة الحد على هذه المرأة، إنما يصعد المنبر صلى الله عليه وسلم ويقول: " إنما أهلك من كان قبلكم إنه كان إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها "، إذا فقد كان السابقون يحابون في الحدود، وكانوا يقيمون أحكام الله على الضعفاء، أما الشرفاء وعلية القوم فلهم شأن آخر، ولهذا توعد صلى الله عليه وسلم أنكم إن فعلتم كما فعل من كان قبلكم فسوف تهلكون كما هلك من كان قبلكم.

ابوصبرى
عضو فعال
عضو فعال

المساهمات : 199
تاريخ التسجيل : 26/04/2011

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

 السنن في القرآن والسنة  Empty رد: السنن في القرآن والسنة

مُساهمة  ابوصبرى السبت أبريل 30, 2011 5:16 pm

السنن في عالم المادة وفي حياة الإنسان:

كما أن لله عز وجل سنناً تحكم عالم المادة ودنيا الناس، حين اكتشفها الناس استطاعوا أن يستفيدوا منها وأن يوظفوا هذه القوانين وهذه السنن توظيفا في خدمة الناس في أمور دنياهم، فمن ذلك مثلا " قانون الجاذبية " وهي قضية يراها كل الناس ويجهدون أنفسهم في التفكير فيها ولا يجهدون أنفسهم في تفسير هذا الموقف الذي يرونه والذي لا يتغير ولا يتبدل، وحين اكتشف العالم المعاصر هذا القانون استطاع أن يوظف هذا القانون وأن يستثمره فيعبر القارات ويعبر الفضاء من خلال السيطرة على هذا القانون.
وحين يكتشف العلم المعاصر المواد التي تتقبل الاحتراق، والتي لا تتقبل الاحتراق؛ فإنه يوظف هذه السنة في تحقيق مصالح الناس في أمور دنياهم، ولهذا نرى النبي صلى الله عليه وسلم يربط بين السنن الكونية وبين السنن المادية، بين السنن التي تحكم حياة المجتمعات ودنيا الناس وبين السنن التي تحكم عالم المادة، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم:"مثل القائم في حدود الله والمدهن فيها كمثل قوم استهموا على سفينة فكان بعضهم أسفلها وكان بعضهم أعلاها، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم، فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا فلم نؤذ من فوقنا، فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا".
إن النبي صلى الله عليه وسلم يحدثنا عن سنة من سنن الله تبارك وتعالى في المجتمعات، وهي أنه حين يقع الناس في المعاصي ويتجرأون على حدود الله فإنه سيهلك المجتمع بمن فيه، ثم يربط النبي صلى الله عليه وسلم هذه السنة وهذا القانون بقانون يراه الناس في عالم المادة، حين تخرق السفينة التي تسير على البحر فإن هذا سبب لأن يلج إليها الماء فتمتلئ فتغرق بمن فيها، ولو كان فيها طائفة لم يكن لم دور في خرق هذه السفينة.
ويذكر صلى الله عليه وسلم سنة أخرى من السنن المادية التي يراها الناس فيربطها بسنة من سنن الله في المجتمعات يقول صلى الله عليه وسلم Sad مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر بالحمى والسهر ).
إذا ما موقف الناس وما دور الناس وما دور العلم المعاصر في التعامل مع سنن الله في عالم المادة أو ما يسمونه بـ: قوانين الطبيعة؟ أترى الناس مثلا يستسلمون لهذه السنن وهذه القوانين أم أنهم يحرصون قدر الإمكان على اكتشافها وتفسيرها، ثم محاولة توظيفها واستثمارها والتعامل معها؟
وكم استفاد العلم المعاصر من استثمار هذه السنن الثابتة التي تحكم الناس في أمور معاشهم وأمور دنياهم؟ ولكن هل نحن – في تطلعنا لتغيرنا الاجتماعي وفي قراءتنا للتاريخ الماضي وفهمنا للتاريخ الحاضر – نتعامل مع ذلك كما نتعامل مع السنن في عالم المادة؟ وكتابنا الذي لا ينطق عن الهوى مليء بالإشارة إلى هذه السنن والحديث عنها، ولم نكلف عبأ في محاولة اكتشافها ودراستها.



ابوصبرى
عضو فعال
عضو فعال

المساهمات : 199
تاريخ التسجيل : 26/04/2011

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

 السنن في القرآن والسنة  Empty رد: السنن في القرآن والسنة

مُساهمة  ابوصبرى السبت أبريل 30, 2011 5:17 pm

موقفنا من السنن:

الموقف الأول: السعي لاكتشافها، من خلال قراءة ما حكاه الله تبارك وتعالى لنا من قصص السابقين والأولين، يحكمنا فيها قوله تبارك وتعالى : ( فاعتبروا يا أولي الأبصار ) فنسعى من خلال ذلك إلى أن نكتشف السنن التي تحكم حياة المجتمعات، وأن نقرأ تاريخ أمتنا، وأن نقرأ تاريخ الأمم الغابرة الماضية، بل ونقرأ تاريخ الأمم المعاصرة، ثم نتأمل ما فيه ونستنبط منه هذه السنن التي تحكم حركة الناس وحياة الناس.
وهذا ما سعى إليه ابن خلدون رحمه الله في كتابه الرائع " مقدمة ابن خلدون " فقد سعى جاهداً لاكتشاف سنن الله في الدول والمجتمعات ومن قرأ فيه رأى فيه شيئا كبيرا من ذلك .
الأمر الثاني : تفسير الأحداث من خلال هذه السنن، تحصل أحداث كثيرة تمر بالناس سواء ما يحصل للمسلمين في مجتمعاتهم، أو ما يحصل للمجتمعات الأخرى المعاصرة، من التمكين لأمة من الأمم، أو إهلاك أخرى، أو أمة يجعل الله تبارك وتعالى بأسها بينها، إنها أحداث تمر بالمؤمنين ومع ذلك يعجز الناس عن تفسيرها، ولو وعى الناس سنن الله تبارك وتعالى في التاريخ والمجتمعات وربطوها بهذا الواقع المعاصر الذي يعيشونه، لأضاءت لهم الرؤية ولأصبحوا يملكون رؤية واضحة تعينهم على تفسير هذه الأحداث واكتشاف مغازيها.
الأمر الثالث : الرؤية المستقبلية للأحداث أو التنبؤ بها؛ فيتوقع المسلمون ما سيحل بمجتمعاتهم أو ما سيحل بالمجتمعات القريبة لهم.
لقد قرأنا لكثير من العلماء والمفكرين الإسلاميين في هذا العصر أنهم كانوا يتنبأون بسقوط الشيوعية وانهيارها، فكيف استطاع هؤلاء أن يتنبأوا بذلك أهم يعلمون الغيب؟ أبدا إنهم علموا ذلك من خلال هذه السنن.
وحين ولى الفرس عليهم امرأة قال صلى الله عليه وسلم :"لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة" فأدرك صلى الله عليه وسلم من هذه السنة أن هذه أمارة ودليل على زوال الفلاح عن هؤلاء لماذا ؟ لأنهم ولَّوا أمرهم امرأة ومن يولي أمره امرأة فإن هذا إيذان بزوال الفلاح عنه.
الأمر الرابع: أن نستثمر هذه السنن ونستفيد منها ونحن نتطلع للغير في مجتمعاتنا ونسعى إلى عالم أفضل، إننا نقرأ في كتاب الله تبارك وتعالى ونقرأ في التاريخ عوامل نهضة الأمم وعوامل رقيها، فحين نتطلع للنهضة والرقي فعلينا أن نسلك هذه العوامل ونأخذ بهذه الأسباب، ونقرأ عوامل الانحطاط والانهيار وحلول العذاب والبوار ونحن إن كنا نحرص على حماية أنفسنا من عذاب الله تبارك وتعالى فيجدر بن أن نجتنب هذه الأسباب وأن نحذِّر بني قومنا منها.
أليس جدير بنا - ونحن نتطلع للتغيير ونحن نتطلع للإصلاح ونحن نسعى للتغيير في مجتمعات المسلمين- أن نتأمل هذه السنن وأن نعيها وأن ننزلها على واقعنا ونسعى من خلال التعامل معها إلى التغيير في واقعنا ومجتمعاتنا؟
وهذا يضيف علينا عبئاً كبيراً ويجعلنا ندرك أن المسؤولية وأن واجب الإصلاح والتغيير لا يقف عند مجرد جهود مرتجلة، وعند مجرد أعمال مبعثرة هنا وهناك، بل حركة الإصلاح والتغيير في مجتمعات المسلمين تحتاج إلى دراسة متأنية، وتحتاج إلى بحث عن سنن التغيير والسعي إليها.

ابوصبرى
عضو فعال
عضو فعال

المساهمات : 199
تاريخ التسجيل : 26/04/2011

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

 السنن في القرآن والسنة  Empty رد: السنن في القرآن والسنة

مُساهمة  ابوصبرى السبت أبريل 30, 2011 5:26 pm

سنة التغيير:

قال تعالى في بيان هذه السنة Sadإن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) ، وقال عز وجل (ذلك بأن الله لم يكن مغيراً نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم).
وقد أشار صلى الله عليه وسلم إلى هذا المعنى في قوله :"إذا تبايعتم بالعينة، وأخذتم أذناب البقر، وتركتم الجهاد، سلط الله عليكم ذلا لن يرفعه عنكم حتى ترجعوا لدينكم" وقوله صلى الله عليه وسلم أيضا :"يوشك أن تداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة على قصعتها" قالوا: أمن قلة نحن يومئذ يارسول الله ؟ قال:"أنتم كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من قلوب عدوكم المهابة منكم، وليقذفن في قلوبكم الوهن" قالوا ما الوهن ؟ قال:"حب الدنيا وكراهية الموت".

وقد سأل النبي صلى الله عليه وسلم ربه, أن لا يهلك أمته لسنة بعامة, وسأل ربه أن لا يجعل بأسهم بينهم؛ فمنعه الله تبارك وتعالى ذلك، قال:"حتى يكون بعضهم يقتل بعضا ويسبي بعضا ".
ويقول صلى الله عليه وسلم :"يا معشر المهاجرين خمس إذا ابتليتم بهن وأعوذ بالله أن تدركوهن، لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا (هذه سنة تفسر لنا ما نراه الآن في العالم المعاصر وتبقي نذير خطر لأولئك الذين يسعون لإغراق مجتمعات المسلمين بالفساد والإباحية) ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين وشدة المؤونة وجور السلطان عليهم، ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء ولولا البهائم لم يمطروا، ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط الله عليهم عدوا من غيرهم فأخذوا بعض ما في أيديهم، وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله ويتخيروا مما أنزل الله إلا جعل الله بأسهم بينهم" ، إنها سنن كونيه نراها الآن حاضرة في المجتمعات المعاصرة التي ابتلاها الله تبارك وتعالى بهذه العقوبات بما كسبت أيديها، وهذا أيضا مصداق لقوله تبارك وتعالى (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) ، وهو أيضاً مصداق قوله تبارك وتعالى Sad أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم ) وقوله Sad وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ).
والحديث عن هذه السنة يكثر في القرآن الكريم، بل إن قراءة قصص الأولين والغابرين في كتاب الله تبارك وتعالى تؤيد هذا المعنى وتشهد له.
إن دراسة سنة التغيير هذه تعطينا نتائج:
النتيجة الأولى: أننا نحن المسؤولين عن هذا الواقع، وأن الأمة إنما أتيت من داخلها، فليس الكيد الخارجي والتآمر، وليس فلان أو فلان هم المسؤولين عما حل بالأمة، بل نحن المسؤولون عما حل بنا (ذلك بأن الله لم بكن مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) ، فالحال التي وصلنا إليها والواقع المر الذي نعانيه ونعيشه الآن إنما هو نتيجة للتغير الذي كان بأنفسنا، فلنكن صرحاء مع أنفسنا ولانحيل مشاكلنا على غيرنا ولا نتهم بها سوانا ولا نحمل المسؤولية من لا يتحملها، فنحن وحدنا الذين نتحمل كل المسؤولية.
إن ما حل في مجتمعات المسلمين من بعد عن دين الله، من تخلف، من جهل، من أمية، من فقر من حروب، إن كل ذلك نتيجة منطقية لما كسبت أيدينا.
النتيجة الثانية : أن التغيير لن يتم إلا إذا غيرنا ما بداخلنا، إننا ونحن نتطلع إلى عالم أفضل، ونسعى إلى تغيير ما في الناس من بعد عن دين الله تبارك وتعالى، ونسعى إلى إعادة الناس إلى دين الله عز وجل لا يمكن أن يتحقق لنا ذلك دون أن نغير ما بأنفسنا، وإذا غيرنا ما بداخلنا فهي الخطوة الأولى للتغيير وللإصلاح.
النتيجة الثالثة: أن هذا يعطينا الاقتناع بأن التغيير ممكن، وأن الواقع المعاصر ليس أمراً حتماً ولازما؛ فالأمة يمكن أن تنتقل إلى عالم أفضل.
إننا حين ننظر إلى حال المسلمين وإلى حال هذه الأمة، نرى أن هناك أزمة تعانيها الأمة وأنها بحاجة إلى من يقنعها بالتغيير؛ فالكثير من الناس يعتقد أن هذا الواقع يفرض نفسه، ولهذا حين تحدثه عما في نفسه أو تحدثه عن قضية يعاني منها المجتمع، وتطالبه أن يأخذ بيد الساعين والقائمين للتغيير يقول لك : " إن المفروض شيء والواقع شيء آخر " وهذا يعني الاستسلام للواقع، وأنه ضربة لازمة لا سبيل ولا مناص إلى تغييره.
ثانيا والأمة مصابة بإلقاء التبعية على الجيل السابق أو اللاحق، وهي ثالثاً مصابة بداء تسويغ الواقع الذي تعيشه الأمة الآن.
إنها جريمة عظمى يرتكبها هؤلاء الذين يقفون حجر عثرة في سبيل أي جهد يبذل للإصلاح والتغيير، ويسعون لتبرير الواقع وتسويغه، وتسويغ الانحراف الذي تعاني منه الأمة والذي لم يعد خافيا على ذي بصيرة ، إن هناك من يدافع عن تلك الجرائم التي ترتكب بحق الأمة؛ فيدافع ويبرر كثيرا من مظاهر الشرك والوثنية التي تعاني منها الآن ويلبسها لباس المصلحة تارة ولباس الجهل تارة أخرى، لأن أولئك يفقهون مالا يفقهون ويعملون مالا تعملون ويريدون مالا تريدون، والمصلحون حين ينزلون الحكم الشرعي على هذه الوقائع؛ فيقررون أن هذا الأمر جريمة، أو أن ذلك العمل صد عن سبيل الله، أو أن هذا مظهر من مظاهر الكفر بالله تبارك وتعالى، فهم يسعون إلي إثارة البلبلة وإلى تمزيق صف الأمة ووحدتها، وكأن هذه الأمة مدعوة لأن تتحد على الخنا والفجور، وأن تحافظ على هذا الاتحاد في ولو كان ذلك على حساب قضية الإيمان والتوحيد والعفة والنزاهة .
إن جريمة من يسعى لتسويغ الواقع وتبريره، أشنع وأشد من جريمة القاعدين والناكصين.
وسلوك رابع خاطئ في تعامل المسلمين مع هذه القضية، وهو إفراز لشعورهم بأن هذا الواقع لا يمكن أن يتغير، ذلكم هو الوهم الذي سيطر على المسلمين أن حل قضيتهم في انتظار البطل القادم الذي يأتي ويحل مشاكل المسلين ولهذا فالمسلمون دائما يتساءلون أين ابن تيمية ؟ أين صلاح الدين ؟ أين خالد بن الوليد ؟ أين فلان وفلان من الناس ؟ وكأن هؤلاء قد شعروا بأنهم غير قادرين على أن يصنعوا شيئا، ولا أن يتقدموا خطوة، وأن هذا الواقع الذي تعاني منه هذه الأمة لايمكن أن يتغبر إلا إذا جاء هذا الفارس الموهوم والبطل القادم، الذي ليس له وجود إلا في خيال أولئك القاعدين والناكصين.
إن المسلمين وهم يعيشون مرارة الهزيمة ومرارة التخلف، وهم يعيشون البعد عن دين الله تبارك وتعالى تتطلع نفوس كثير منهم للتغيير والإصلاح، لكنهم لايجرؤون على أن يحملوا أنفسهم مسؤولية ما آل إليه واقعهم؛ فيستسلمون لهذه الأوهام، ويتطلعون إلى أن يأتي رجل من عالم الغيب يقود الأمة، ولو جاء هذا الرجل فإنه ما لم يكن له من الناس عون وظهير فإنه سيقول كما قال موسى ( إني لا أملك إلا نفسي وأخي فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين ) ، فحين تخلى قوم موسى عن موسى لم يكن ينفعهم ولم يكن لينجيهم أنهم مع رسول من رسل الله، فلئن لم يتحقق ذلك لبني إسرائيل وهم مع نبي من أنبياء الله فإنه لن يتحقق لغيرهم وهم مع من هو دونه بكثير.
وأخيرا قد يلجأ الناس إلى الهروب من التفكير في القضية أصلا؛ فيهربون من التفكير في الواقع ومرارته، أو يهربون من المناقشة الصريحة في وسائل التغيير والإصلاح، ويصرفون القضية يمنة ويسرة، وهذا فرار من المسؤولية وتخل عن التبعة لن يفيدهم شيئا، ولن يغني عنهم أمام الله تبارك وتعالى.
النتيجة الرابعة (من نتائج فقه سنة التغيير): ضرورة القراءة المتأنية في داخل النفوس لاكتشاف العلة والسعي لإحداث التغيير، فما دام قد تقرر لدينا أن هذا التغيير الذي أصاب الأمة -وقد كانت أمة العز والنصر والتمكين- إنما أتاها من أنفسها ومن داخلها يدعونا إلى دراسة متأنية لما في النفوس، حتى نسعى إلى اكتشاف العلة، والبحث عن مكمن الداء، ثم نسعى بعد ذلك إلى العلاج والإصلاح.
إذا فقضية الإصلاح والتغيير تحتاج جهدا ضخما من القراءة في سنن الله تبارك وتعالى، ومن خلال قراءة ما في النفوس ووعيها، ثم إقناع الناس بواجب التغيير وضرورته وإمكان التغيير.
النتيجة الخامسة: شمولية الأمر لجميع جوانب الحية المختلفة فالله تبارك وتعالى : ( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا بأنفسهم ) فالله تبارك وتعالى لم يكن ليغير حال الناس من تدين وصلاح وتقوى إلى فجور إلا وقد غيروا ما بأنفسهم والعكس كذلك.
ويدخل في هذا الأمر أيضا ما يعاني منه المسلمون في أمور عالمهم المادي؛ فالأمة الإسلامية الآن مدرجة ضمن العالم المتخلف؛ فهي تعاني الأمية والجهل والفقر والتخلف والتأخر الاقتصادي والمديونية والتفرق والتمزق؛ إنها تحمل رصيدا هائلا من الأمراض البشرية التي تحملها المجتمعات المعاصرة؛ فهي حين تريد تغيير ما بها ينبغي أن تعلم أن التغيير إنما يتم من الداخل، فإن كانت الأمة صريحة مع نفسها فإنها يمكن أن تغير وإن أخلدت إلى الأرض، فإن هذا الواقع لن يتغير حتى يغير ما بواقع الناس.
النتيجة السادسة: ينبغي أن نربط هذه القضية بركن من أركان الإيمان، ألا وهو الإيمان بالقضاء والقدر؛ فلا يتم إيمان عبد حتى يؤمن بالقدر خيره وشره، حلوه ومره، وحتى يعلم أن الأمور كلها تجري بقدر الله تبارك وتعالى.
إن المؤمنين يدركون جميعا هذه الحقيقة إدراكا نظريًّا، ويعلمون أن الأمور كلها في عالمهم المادي وغير المادي إنما هي بقضاء الله تبارك وتعالى وقدره، ويؤمنون ويدركون أيضا بأن الله تبارك وتعالى قد جعل لهذه الأمور أسباباً، وأن من تمام الإيمان بالقضاء والقدر أن يسلك الناس فعل الأسباب.
إن الناس كل الناس يدركون أن الجوع والمرض أمر بقدر الله تبارك وتعالى لكنهم يسعون إلى منع المرض عنهم ومنع الجوع عنهم، وإلى دفعه عنهم بالطعام والشراب والعلاج، إنهم يدركون جميعا أن الرزق بيد الله تبارك وتعالى، وأنه لا يزيده ولا يرده حرص حريص، وأنه لن تموت نفس منفوسة حتى تستكمل رزقها، وأنه لن يحصل رزقهم إلا إذا فعلوا الأسباب؛ فيجتهدون ويبذلون وهم يعلمون أن الرزق بيد الله تبارك وتعالى.
ولكن هل نحن في أمور مجتمعاتنا وفي نظرتنا إلى واقعنا ندرك هذه القضية وهذه الحقيقة، وهي ارتباط السبب بالنتيجة؟ هل ندرك أن الأمور بيد الله تبارك وتعالى؟ وما أكثر ما نردد: الأمور بيد الله، ونقول القضية قضاء وقدر ونلجأ إليه بالدعاء، لكن هل نحن مع ذلك نفعل الأسباب؟ هل نحن نسعى لفعل الأسباب ؟ إننا لن نحصل على رزقنا إلا بفعل الأسباب فلن ندرك التغيير أيضا في مجتمعاتنا والإصلاح إلا بفعل الأسباب والاجتهاد في ذلك وينبغي أن تكون الأسباب على قدر الهدف الذي نتطلع إليه ونسعى إليه.
ما بال الناس يجتهدون في دفع المرض عنهم؛ فينفقون الأموال الطائلة، ويسافرون يمنة ويسرة في محاولة علاج هذا المرض، مدركين أن ذلك من تمام الإيمان بقضاء الله وقدره، وأن الأمور بيد الله لكنهم يبذلون هذا الجهد، فهل نحن نبذل هذا الجهد في تصحيح واقعنا؟ هل نحن نبذل هذا الجهد في علاج أمراضنا؟ هل نحن نبذل هذا الجهد في دفع هذا الفساد الذي حل بأمة الإسلام؟ هل نحن نبذل هذا الجهد في إزالة هذه المنكرات التي فشت في مجتمعات المسلمين؟


ابوصبرى
عضو فعال
عضو فعال

المساهمات : 199
تاريخ التسجيل : 26/04/2011

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

 السنن في القرآن والسنة  Empty رد: السنن في القرآن والسنة

مُساهمة  ابوصبرى السبت أبريل 30, 2011 5:26 pm

إنه من الجهل بقضاء الله وقدره، بل من مخادعة النفس أن نضع يداً على يد ونقول إنا لله وإنا إليه راجعون، لا حول ولا قوة إلا بالله، وأن نبكي وننتحب على أمة الإسلام؛ فالبكاء لن يجدي ولن ينفع، والدعاء وحده لن يؤتي ثمرته إلا إذا كان معه جهد وبذل وتضحية وتحمل، إننا ما لم نشعر أننا يجب أن ندفع ثمنا باهظًا لإزالة المنكرات، وتصحيح الواقع للنهوض بهذه الأمة فإننا غير مؤهلين للتغيير؛ لأننا لم نغير ما بأنفسنا.
إن من رحمة الله تبارك وتعالى بعباده أن جعل هنالك علاقة مطردة في حياة الناس بين السبب والنتيجة؛ فكل نتيجة يوصل لها سبب معروف يعرفه الناس، بدءًا بأقل القضايا إلى الأمور المعقدة، سواء في عالمهم المادي أو حياة مجتمعاتهم وحركة التاريخ، وهذا يعني أن يسعى الناس إلى اكتشاف الأسباب، وإلى بذل الأسباب إذا كانوا يتطلعون إلى نتيجة.
إن إدراك هذه الحقائق معشر الأخوة الكرام ضرورة لأولئك الذين يتطلعون للإصلاح والتغيير فهل ندرك هذه الحقائق وهل نسعى إلى غرسها في مجتمعات المسلمين ؟
أسأل الله تبارك وتعالى أن يبدل ذل المسلمين إلى عز، وأن يغير معصيتهم إلى طاعة، اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك، ويذل فيه أهل معصيتك، ويؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر، ويحكم فيه بشرعك، وينتصر فيه للمظلوم والضعيف؛ إنك سميع قريب مجيب ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك .



ابوصبرى
عضو فعال
عضو فعال

المساهمات : 199
تاريخ التسجيل : 26/04/2011

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى